يقول عالم النفس الألماني كارل جوستاف جانج، واضع التحليل النفسى الذي ولد في أواخر القرن التاسع عشر، إن كل امرأة تحمل بداخلها أمها وإبنتها، وبمعنى أن كل سيدة تقوم بالتصرفات نفسها التي كانت تقوم بها أمها، وتتبع أسلوب التربية نفسه حتي التي لم تكن تتقبله في طفولتها، كما أنه في وقت معين، عندما تكبر الابنة تقوم هي بدور الأم بالنسبة لأمها، فترعاها وتخفف عنها آلامها وتبادلها الكثير من الإهتمامات.
إنها علاقة شديدة الخصوصية بين الأم وابنتها، وهي تختلف عن علاقتها بالإبن الذكر، الذي لا يقل أهمية بالنسبة لها، ولا يقل حبها له عن الابنة الأنثي، وعادة ما يجد الابن نموذج الأب ليقتدى به، إلا أن العلاقة هنا -كما يقول كارل جوستاف- تعتمد علي العقل والأفكار أكثر من العاطفة.
وهذه العلاقة القوية بين الأم وإبنتها تجعلها شديدة الإرتباط بها، لدرجة عدم تقبلها لفكرة أن تنفصل عنها إبنتها لتبدأ حياة خاصة بها، وتتعرض الأم لأزمة نفسية في بعض الأحوال، لذلك لابد أن تتفهم كل أم أن ابنتها -التي هي امتداد لها- هي الصديقة والشخص الأقرب إليها، وليست ملكا لها، وأنها هي إنسانة مستقلة لابد أن تنفصل عنها في يوم من الأيام، وتختار أسلوب حياتها بالشكل الذي تفضله، وهذا لا يعني أن الحب الشديد لأمها أو الإهتمام بها سينتهي، وهذا هو دور الابنة في طمأنة الأم مع عدم الإبتعاد عنها لفترات طويلة.
وإذا كان عيد الأم مناسبة سعيدة تنتظرها كل أم ليلتف أولادها من حولها، فإن يوما في السنة لا يكفي لنحتفل ونعبر لها عن حبنا وتقديرنا، وياليت أيامنا كلها تكون عيدا للأم، فمهما قدمنا لها من هدايا أو عبرنا لها عن مشاعرنا بالكلمات لن نوفيها حقها.
الكاتب: جيهان مصطفى.
المصدر: جريدة الأهرام اليومى.